بحث عالمي جديد من “إيكونوميست إمباكت” و”ساس” يستكشف العلاقة المعقدة بين الإنتاجية الحكومية والذكاء الاصطناعي والثقافة

لكي تزدهر الإنتاجية الحكومية، يجب إعطاء الأولوية للثقافة والتكنولوجيا على حد سواء. كانت هذه إحدى النتائج الرئيسية في تقرير جديد صادر عن “إيكونوميست إمباكت” (Economist Impact)، بدعم من شركة “ساس” (SAS) الرائدة في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي، والذي يدرس الفرص والعقبات التي تواجه إصلاح إنتاجية القطاع العام.

يأتي التقرير الذي يحمل عنوان إعادة تصور مستقبل إنتاجية القطاع العام، بعد وقت قصير من إعلان حكومة المملكة المتحدة عن “خطة عمل فرص الذكاء الاصطناعي”، حيث صرح رئيس الوزراء السير كير ستارمر بأن الذكاء الاصطناعي يمثل “إمكانات هائلة” لتجديد الخدمات العامة في المملكة المتحدة. ويوضح تقرير “إيكونوميست” و”ساس” أن “التكنولوجيا وحدها لن تطلق العنان للإنتاجية في الحكومة“.

يقول جوناثان بيردويل، رئيس قسم السياسات والرؤى في “إيكونوميست إمباكت”: “وسط القيود المالية والطلبات المتزايدة على الخدمات العامة لمواجهة التحديات المعقدة مثل شيخوخة السكان، وتغير المناخ، وعدم اليقين الاقتصادي، يجب على الحكومات أن تعمل بحزم لتنفيذ إصلاحات الإنتاجية. على سبيل المثال، بلغت الاستجابة المالية لجائحة كوفيد-19 في مجموعة من البلدان ذات الدخل المرتفع 21% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يؤكد الدور الحاسم للتدخل الحكومي في أوقات الأزمات“.

ويضيف: “وجد بحثنا أنه على الرغم من أن التحول الرقمي ضروري، إلا أنه لا يكفي بمفرده. فالنجاح يعتمد على هياكل تنظيمية قادرة على التكيف وتتغلب على مقاومة التغيير وتُشرك الموظفين في تصميم وتطبيق التقنيات الجديدة. إن الذكاء الاصطناعي يمنح القطاع العام فرصة لتحويل كيفية خدمته للمواطنين وتعزيز تجربة الموظفين“.

وجد التقرير، الذي استند إلى استطلاع شمل أكثر من 1,550 موظفًا في القطاع العام في 26 دولة، بما في ذلك المملكة المتحدة، ما يلي:

  • الدور الحاسم للتحول الرقمي وإعادة التصميم التنظيمي في تعزيز إنتاجية القطاع العام.
  • أبرز حالات استخدام الذكاء الاصطناعي التي تستكشفها الحكومات، بما في ذلك التحليلات التنبؤية والأمن السيبراني/منع الاحتيال.
  • أهمية الإصلاحات التدريجية للإنتاجية والتحديات التي تفرضها قيود الميزانية.
  • أهمية الشراكات مع الموردين الخارجيين لتبسيط العمليات وتحسينها، وزيادة سرعة الاستجابة، وتعزيز الأداء.
  • الحاجة إلى مشاركة أكبر لموظفي القطاع العام في تصميم وتنفيذ إصلاحات الإنتاجية.

الثقافة والتكنولوجيا تسيران جنبًا إلى جنب

وجد التقرير، الذي صدر خلال أسبوع الإنتاجية الوطني، أن الحكومات في جميع أنحاء العالم تحقق مكاسب كبيرة من الاستثمارات في الحكومة الإلكترونية والخدمات القائمة على البيانات والذكاء الاصطناعي، لكن هذه العوامل وحدها لا تكفي لإحداث التغيير. يكشف الاستطلاع أن التصميم التنظيمي القادر على التكيف والتحول الرقمي هما أهم استراتيجيتين لتعزيز الإنتاجية في القطاع العام في المملكة المتحدة – وكلاهما سيكون حاسمًا لنجاح “خطة عمل فرص الذكاء الاصطناعي” الحكومية.

وقالت جينيفر روبنسون، المستشارة الاستراتيجية للحكومات العالمية في “ساس”: “التكنولوجيا وحدها لن تطلق العنان للإنتاجية في الحكومة”. وأضافت: “ولكن مع وجود ثقافة مرنة تتكيف مع الابتكارات الجديدة، يمكن للتحسينات التدريجية في الإنتاجية بمرور الوقت أن تحدث فرقًا كبيرًا – وسيكون هذا أمرًا بالغ الأهمية لتطبيق حكومة المملكة المتحدة للذكاء الاصطناعي في القطاع العام“.

من المفهوم أن الحكومات حذرة من المخاطرة، حيث وافق 70% من المشاركين في الاستطلاع العالمي على أن مؤسساتهم تتبنى التقنيات الجديدة فقط بعد أن تثبت فعاليتها في مؤسسات أخرى – وكانت هذه النسبة أعلى قليلاً في المملكة المتحدة عند 75%. بالإضافة إلى ذلك، لدى الحكومات ميزانيات محدودة وقد تفتقر إلى القدرة على استيعاب التقنيات الجديدة. كما تعتبر مخاوف خصوصية البيانات (60%) وثقافة تجنب المخاطرة (42%) من التحديات الرئيسية/الحرجة أمام تبني التكنولوجيا بنجاح في القطاع العام في المملكة المتحدة.

وعلى الرغم من إقرار المشاركين بهذه العوائق، فإن أغلبية ساحقة (91%) من المشاركين العالميين يرون أن التقنيات الرقمية تقدم لمؤسساتهم فوائد أكثر من المخاطر. وفي المملكة المتحدة، تبلغ هذه النسبة 87%.

الذكاء الاصطناعي يحتل مركز الصدارة

يعتقد أكثر من نصف المشاركين العالميين (52%) أن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير كبير/حاسم في تحسين الإنتاجية داخل مؤسساتهم خلال السنوات الثلاث المقبلة. ويستكشف التقرير الاستخدامات الواعدة للذكاء الاصطناعي في الحكومة ويتضمن دراسات حالة واقعية من هيئات حول العالم. وكشف الاستطلاع أن التحليلات التنبؤية كانت أبرز حالات الاستخدام الحالية للذكاء الاصطناعي، حيث اختارها 66% من المشاركين. وتعد القدرة على التنبؤ بالمخاطر والتخطيط لها واحدة من أكثر حالات استخدام الذكاء الاصطناعي جاذبية نظرًا لقدرته على محاكاة السيناريوهات.

وكان من بين تطبيقات الذكاء الاصطناعي الشائعة الأخرى الأمن السيبراني ومنع الاحتيال، حيث اختارها 54% من المشاركين. ففي مجال الاحتيال، يجبر تعقيد الجرائم المالية وغسيل الأموال، واستخدام المجرمين المتطورين للذكاء الاصطناعي، المتخصصين في مكافحة الاحتيال على تعزيز استخدامهم لهذه التكنولوجيا. وقد توافقت نتائج المملكة المتحدة مع هذه النتائج العالمية.

إشراك الموظفين

مصير إصلاحات الإنتاجية هو الفشل إذا لم يقتنع بها الموظفون، ومع ذلك يُظهر الاستطلاع الحاجة إلى مشاركة أكبر. فوفقًا للبحث، نادرًا ما يتم استشارة موظفي القطاع العام في المملكة المتحدة بشأن تبني وتطبيق الذكاء الاصطناعي – حيث قال أقل من 4% من المشاركين إن الموظفين شاركوا في أي مرحلة (تحديد الحاجة، اختيار نوع التكنولوجيا، التنفيذ، التقييم).

وقد تم دعم تقرير إعادة تصور مستقبل إنتاجية القطاع العامبمقابلات متعمقة مع خبراء من مؤسسات أكاديمية وهيئات حكومية ومنظمات غير حكومية ومؤسسات دولية متعددة الأطراف. ويقدم التقرير نتائج الاستطلاع ورؤى نوعية، مع توصيات لمساعدة أصحاب المصلحة على متابعة إصلاح إنتاجي طموح وواقعي في الحكومة المركزية والمحلية.

Loading

شارك الخبر :